جاري التحميل

حب التابعين للنبي وللصحابه ولبعضهم بعضا

الموضوعات

حب التابعين للنبي صلى الله عليه وسلم وللصحابة ولبعضهم بعضًا

كتب الدكتور غازي محمود الشمري حول هذا الموضوع في كتابه ( الحب في السنة وأثره في حياة الأمة) والصادر عن دار المقتبس سنة (1439هـ - 2018م) 

    فقال:

فالمبحث ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

1 ـ حب التابعين للنبي صلى الله عليه وسلم .

2 ـ حبُّ التابعين للصحابة رضي الله تعالى عنهم.

3 ـ حبُّ التابعين بعضهم بعضًا.

أولًا ـ حب التابعين للنبي صلى الله عليه وسلم:

لقد عاين التابعون محبة النبي صلى الله عليه وسلم عند أسلافهم من الصحابة رضي الله عنهم، وتَمنَّوْا أن لو رأوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم وصاحبوه، وغزوا معه، وصلَّوا خلفه، لكنَّ عزاءَهم أنهم رأوا من رآه، وصاحبوا من صاحبه، فحدَّثوهم حديثه فحفظوه. ووصفوا لهم جماله فتعلَّقوا به وأحبوه. وكلَّموهم عن جلاله فازدادوا له هيبةً، ووقَّروه. وعرَّفوهم بخصاله فزادوهم شوقًا، فتمنَّوا أن لو أدركوه.

لقد أخذ التابعون عن الصحابة أدبًا حسنًا بحبهم للمصطفى صلى الله عليه وسلم والآل والأصحاب.

قَالَ رَجُـلٌ مِـنْ أَهْـلِ الْكُوفَـةِ لِحُذَيْفَـةَ بْنِ الْيَمَانِ: يَا أَبَـا عَبْدِ الله، أَرَأَيْتُـمْ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم وَصَحِبْتُمُوهُ؟ قَالَ: نَعَمْ يَا ابْنَ أَخِي. قَالَ: فَكَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ؟ قَالَ: وَاَلله لَقَدْ كُنّا نَجْهَدُ. قَالَ: فَقَالَ: وَاَلله لَوْ أَدْرَكْنَاهُ مَا تَرَكْنَاهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ، وَلَحَمَلْنَاهُ عَلَى أَعْنَاقِنَا!...الحديث([1]).

ثم جاء بعدَهم أتباع التابعين وسار على دربهم، وأحبُّوا ما أحبوا.

وجاء بعدَهم أتباعُهم، فاقتفوا آثارهم، وأخذوا عنهم، وهكذا.. ورثوا الحب كابرًا عن كابر، فتلقَّوا الحبَّ بالسند المتصل، مثلما تلقَّوا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . 

وتعددت صورُ حُبِّ التابعين للنبي صلى الله عليه وسلم، فمنها الشوق له والتعظيم لحديثه، ومنها التبرُّك بشعره، والخشوع والبكاء عند ذكره صلى الله عليه وسلم .

1 ـ شوق التابعين للنبي صلى الله عليه وسلم ولحديثه:

ويَكْبُر حبُّ التابعيـن، ويـزداد شوقهم لنبيِّهم صلى الله عليه وسلم، ويتمنَّـوا رؤيتـه ولو بالأهل والمال. ولقد حدَّث النبيُّ صلى الله عليه وسلم بهذا الشوق أصحابه.

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي لِي حُبًّا: نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِي، يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ»([2]).

فهي شهادة عظيمة من المصطفى صلى الله عليه وسلم، عسى أن يجد التابعون لهم بها سلوى!

عن عَبْدَةَ بنتِ خالدِ بنِ مَعْدَانِ الحمصي، قالت: قلَّما كان خالدٌ يأوي إلى فراشه إلَّا وهو يذكر شوقـه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى أصحابـه من المهاجرين والأنصار، ثم يسميهم ويقول: «هُمْ أَصْلِي وفَصْلي، وإليهم يحنُّ قلبي، طال شوقي إليهم، فعجِّلْ رَبِّ قَبْضِي إليك»، حتى يغلبَه النومُ وهو في بعض ذلك([3]).

لقد طال شوقه وحنيـن قلبـه للنبي صلى الله عليه وسلم وصحبـه، بلغ بـه مبلغًا جعله يدعو الله تعالى كل يوم، أن يقبضه إليه، ليلحق بهم ويراهم، إذ لا سبيل إلَّا بذلك!

يا مَنْ شَكَا شَوْقَه مِنْ طُوْلِ فُرْقَتِهِ

اصْبِرْ لَعَلَّكَ تَلْقَى مَنْ تُحبُّ غَـدًا

وَسِـرْ إليِهِ بِنـَاْرِ الشَّـوْقِ مُجْتَهِدًا

عَسَاْكَ تَلْقَى عَلى نَاْرِ الغَرَاْمِ هُدَى

ولمَّا فاتهم رؤيته صلى الله عليه وسلم، لم يَفُتْهُمْ حديثه، فلطالما اشتاقوا لسماع حديثه صلى الله عليه وسلم، فنجدهم يطلبون حديثه من الصحابة رضي الله عنهم. وقد قال الشاعر (العباس بن الأحنف):

وحدثتنا يا سَـعْدُ عنهم فَزِدتَّنـا

شُجُونًا فَزِدْنَا مِنْ حديثِكَ يا سَعْدُ

قال يَزِيدُ بْنُ حَيَّانَ: «انْطَلَقْتُ أَنَا وَحُصَيْنُ بْنُ سَبْرَةَ، وَعُمَرُ بْنُ مُسْلِمٍ، إِلَى زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، فَلَمَّا جَلَسْنَا إِلَيْهِ قَالَ لَهُ حُصَيْنٌ: لَقَدْ لَقِيتَ يَا زَيْدُ خَيْرًا كَثِيرًا؛ رَأَيْتَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَسَمِعْـتَ حَدِيثَـهُ، وَغَزَوْتَ مَعَـهُ، وَصَلَّيْتَ خَلْفَـهُ، لَقَـدْ لَقِيتَ يَا زَيْدُ خَيْرًا كَثِيرًا، حَدِّثْنَا يَا زَيْدُ مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم . قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، وَاللهِ لَقَدْ كَبِرَتْ سِنِّي، وَقَـدُمَ عَهْـدِي، وَنَسِيتُ بَعْضَ الَّذِي كُنْـتُ أَعِي مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَا حَـدَّثْتُكُمْ فَاقْبَلُـوا، وَمَـا لاَ فَلاَ تُكَلِّفُونِيـهِ، ثُمَّ قَـالَ: قَـامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا، بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا، بَيْنَ مَكَّةَ وَالْـمَدِينَةِ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَوَعَظَ وَذَكَّرَ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ، أَلاَ أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِي رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ([4]): أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللهِ، فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ، فَخُذُوا بِكِتَابِ اللهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ». فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللهِ وَرَغَّبَ فِيهِ، ثُمَّ قَـالَ: «وَأَهْـلُ بَيْتِـي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِـي أَهْـلِ بَيْتِـي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِـي أَهْـلِ بَيْتِـي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي». فَقَالَ لَهُ حُصَيْنٌ: وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ يَا زَيْدُ؟ أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ؟! قَالَ: نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَلَكِنْ أَهْلُ بَيْتِهِ مَنْ حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ. قَالَ: وَمَنْ هُمْ؟ قَالَ: هُمْ آلُ عَلِيٍّ، وَآلُ عَقِيلٍ، وَآلُ جَعْفَرٍ، وَآلُ عَبَّاسٍ. قَالَ: كُلُّ هَؤُلاَءِ حُرِمَ الصَّدَقَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ»([5]).

وعَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ: جَلَسْنَا إِلَى الْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ يَوْمًا، فَمَرَّ بِـهِ رَجُلٌ فَقَـالَ: طُوبَـى لِهَاتَيْنِ الْعَيْنَيْنِ اللَّتَيْنِ رَأَتَـا رَسُـولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَاللهِ لَـوَدِدْنَا أَنَّا رَأَيْنَـا مَا رَأَيْتَ وَشَهِدْنَا مَا شَهِدْتَ! .. ([6]).

وسأل التابعون الصحابةَ، هل ذكر النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن الهوى شيئًا؟

لقد وقعوا فيه! فهل من فُتْيا؟

عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: أَتَيْتُ صَفْوَانَ بْنَ عَسَّالٍ الْـمُرَادِيَّ أَسْأَلُهُ.. فَقُلْتُ: هَلْ سَمِعْتَهُ يَذْكُرُ فِي الْهَوَى شَيْئًا؟ قَالَ: نَعَمْ. كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَبَيْنَا نَحْنُ عِنْدَهُ، إِذْ نَادَاهُ أَعْرَابِيٌّ بِصَوْتٍ لَهُ جَهْوَرِيٍّ: يَا مُحَمَّدُ! فَأَجَابَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى نَحْوٍ مِنْ صَوْتِهِ: هَاؤُمُ([7])! وَقُلْنَا لَهُ: وَيْحَكَ! اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ، فَإِنَّكَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ نُهِيتَ عَنْ هَذَا. فَقَالَ: وَاللهِ لاَ أَغْضُضُ. قَالَ الأَعْرَابِيُّ: الَمرْءُ يُحِبُّ الْقَوْمَ وَلَمَّا يَلْحَقْ بِهِمْ؟ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «الْـمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»([8]).

هذا الصحابيُّ الأعرابيُّ رضي الله عنه، لم يستطع أن يكتم حبه للنبي صلى الله عليه وسلم؛ فباح به وصدق الشاعر (ثعلب) حين قال:

الحـبُّ أغـلبُ للفؤادِ بِقَهْرِهِ

من أن يُرى لِلسِّـرِّ فيـه نصيـبُ

كما لا يخفى ما أراده التابعيُّ زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ من سؤاله للصحابي صَفْوَانَ ابْنِ عَسَّالٍ رضي الله عنه بقوله: هَلْ سَمِعْتَهُ يَذْكُرُ فِي الْهَوَى شَيْئًا؟

لقد أصابه ما أصاب الأعرابيّ! وقد قال الشابُّ الظريف:

لا تُخْفِ ما صَنَعتْ بك الأشواقُ

واشرحْ هواكَ فكلُّكم عشَّاقُ

فعسى يُعينُكَ من شكوتَ له الهوى

في حَمْلهِ فالعاشقون رِفاقُ

2 ـ تَبَرُّك التابعين بشعر النبي صلى الله عليه وسلم:

والدنيا وما فيها عند التابعين بإحسان، لا تساوي شَعْرَةً من شَعَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فكيف بصاحب الشَّعْرَة صلى الله عليه وسلم ؟!

من هؤلاء ابْنُ سِيرِينَ([9]) وعَبِيدَةَ السَّلْماني([10]):

قال ابْنُ سِيرِينَ: قُلْتُ لِعَبِيدَةَ: عِنْدَنَا مِنْ شَعَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَصَبْنَاهُ مِنْ قِبَلِ أَنَسٍ ـ أَوْ مِنْ قِبَلِ أَهْلِ أَنَسٍ ـ فَقَالَ: لأَنْ تَكُونَ عِنْدِي شَعْرَةٌ مِنْهُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا! ([11]).

3 ـ تعظيم التابعين لحديث النبي صلى الله عليه وسلم وبكاؤهم عند ذكره:

قال القاضي عياض: «قال إسحاقٌ التَّـُجِيْبِيُّ([12]): كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعده لا يذكرونه إلا خشعوا، واقشعرت جلودهم وبكوا. وكذلك كثير من التابعين، منهم من يفعل ذلك محبة له وشوقًا إليه، ومنهم من يفعله تَهَيُّبًا وتوقيرًا»([13]).

وسُئِلَ الإمامُ مالكٌ عن أيوبٍ السَّخْتِيانيّ([14]) فقال: «ما حدَّثْتُكُم عن أحدٍ إلَّا وأيوبَ أفضلَ منه. قال: وحَجَّ حِجَّتَيْنِ، فكنتُ أرْمُقُهُ ولا أسمعُ منه، غير أنَّهُ كان إذا ذُكِرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بكى حتى أرْحَمَهُ، فلما رأيتُ منه ما رأيت، وإجلَاله للنبي صلى الله عليه وسلم؛ كَتَبْتُ عنه»([15]).

وقال مُصْعَبُ بنُ عبدِ اللهِ([16]): كان مالك إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم يتغير لونه، وينحني حتى يصعب ذلك على جلسائه. فقيل له يومًا في ذلك، فقال: لو رأيتم ما رأيت؛ لما أنكرتم عليَّ ما ترون. ولقد كنت أرى مُحَمَّد بْن الْـمُنْكَدِر([17]) وكان سيِّد القراء، لا نكاد نسأله عن حديث أبدًا إلا يبكي حتى نرحَمَه. ولقد كنت أرى جعفر بن محمد وكان كثير الدعابة والتَبَسُّم، فإذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم أصفرَّ. ومارأيته يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على طهارة. ولقد كان عبد الرحمن بن القاسم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم، فينظر إلى لونه كأنه نزف منه الدم، وقد جف لسانه في فمه؛ هيبة منه لرسول الله صلى الله عليه وسلم . ولقد كنت آتي عامرَ بنَ عبدِ اللهِ بنِ الزبيرِ، فإذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم بكى حتى لا يبقى في عينيه دموع. ولقد رأيت الزهري وكان من أهنأ الناس وأقربهم، فإذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم فكأنه ما عرفك ولا عرفته. لقد كنت آتي صفوان بن سليم، وكان من المتعبدين المجتهدين، فإذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بكى، فلا يزال يبكي حتى يقوم الناس عنه ويتركوه([18]).

قال القاضي: لما كثر على مالك الناس قيل له: لو جعلت مستمليا يُسْمِعُهُمْ. فقال: قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾[الحجرات: 2]، وحرمته حيًا وميتًا سواء. وكان ابن سيرين ربما يضحك، فإذا ذكر عنده حديث النبي صلى الله عليه وسلم خشع([19]).

وقال مالك: «جاء رجل إلى ابن المسيب، فسأله عن حديث وهو مضطجع، فجلس وحدثه. فقال له الرجل: وددتُ أنك لم تتعنَّ. فقال: إني كرهتُ أن أحدثَك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مضطجع».

وقال مُطرِّف: كان إذا أتى الناسُ مالكًا؛ خرجتْ إليهم الجارية فتقول: لهم: يقول لكم الشيخ: تريدون الحديث أو المسائل؟ فإن قالوا المسائل خرج إليهم، وإن قالوا الحديث دخل مغتسله، واغتسل وتطيَّب ولبس ثيابًا جددًا، ولبس ساجـه([20]) وتعمم، ووضع على رأسه رداءه، وتلقى لـه منصـة، فيخرج فيجلس عليها وعليه الخشوع، ولا يزال يُـبَخَّرُ بالعـود حتى يفـرغ من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ([21]).

وقال عبد الله بن المبارك: كنت عند مالك وهو يحدثنا، فَلَدَغَتْهُ عقربٌ ستَّ عشرةَ مرة، وهو يتغير لونه ويصفر، ولا يقطع حديثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلما فرغ من المجلس وتفرق عنه الناس قلت له: يا أبا عبد الله، لقد رأيت منك اليوم عجبًا. قال: نعم. إنما صبرتُ إجلالًا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ([22]).

وقال عبد الله بن صالح: كان مالك والليث لا يكتبان الحديث إلا وهما طاهران، وكان قتـادة يستحـب أن لا يقـرأ أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم إلا علـى وضوء، ولا يحدث إلا على طهارة([23]).

4 ـ إكرام التابعين لمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم:

قال القاضي عياض: ومن إعظامه وإكباره إعظام جميع أسبابه، وإكرام مشاهده وأمكنته من مكة والمدينة ومعاهده، وما لمسه صلى الله عليه وسلم أو عرف به. ولهذا كان مالك رحمه الله لا يركب بالمدينة دابة، وكان يقول: أستحيي من الله أن أطأ تربة فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بحافر دابة. وقد أفتى مالك فيمن قال: تربة المدينة رديَّة، يضرب ثلاثين دِرَّةً، وأمر بحبسه ـ وكان له قَدْرٌ ـ وقال: ما أحوجه إلى ضرب عنقه، تربة دفن فيها خير البشر النبي صلى الله عليه وسلم يزعم أنها غير طيبة! ([24]).

عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «المدِينَةُ حَرَمٌ مِنْ كَذَا إِلَى كَذَا، لاَ يُقْطَعُ شَجَرُهَا، وَلاَ يُحْدَثُ فِيهَا حَدَثٌ، مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا؛ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ الله وَالْـمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»([25]).

قال القاضي عياض: وحُدِّثْتُ أن أبا الفضل الجوهري لما وَرَدَ المدينةَ زائرًا، وقَرُبَ من بيوتها؛ تَرَجَّلَ ومشى باكيًا ينشد:

ولـمَّـا رأينا رَسْـمَ مَنْ لم يَدَعْ لنـا

فؤادًا لعرفان الرسـوم ولا لُبًّـا

نزلنـا عن الأكوار([26]) نمشـي كرامةً

لمن بـان عنـه أن نـلمَّ بـه ركْبًا([27])

وقال القاضي أيضًا: وجدير لمواطن عمرت بالوحي والتنزيل، وتردد بها جبريـل وميكائيـل، وعـرجت منها الملائكـة والـروح، وضجَّـت عَرَصَاتُها([28]) بالتقديس والتسبيح، واشتملت تربتها علـى جسد سيد البشر، وانتشر عنها من ديـن الله وسنة رسوله ما انتشر، مدارس آيات، ومساجد صلوات، ومشاهد الفضائل والخيرات، ومعاهد البراهين والمعجزات، ومناسك الدين، ومشاعر المسلمين، ومواقف سيد المرسلين، ومتبوأ خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم وعلى عترته أجمعين، حيث انفجرت النبوة، وأين فاض عبابها، ومواطن مهبط الرسالة، وأول أرض مس جلدَ المصطفى ترابُهـا؛ أن تُعظم عرصاتها، وتُتَنَسَّـم نفحاتهـا، وتقبَّـل ربوعها وجدراتها.

يـا دارَ خيرِ المرسـلينَ ومن بهِ

هَدْيُ الأنـامِ وخُصَّ بالآيـاتِ

عندي لأجلك لوعـة وصبابة

وتـشوق متـوقـد الجـمرات

وعليَّ عهدٌ إن ملأت محاجري

من تلـكم الجدران والعرصات

لأعفـرن مصون شـيبي بـينها

من كثرة التقبـيـل والرشـفات

لولا العوادي والأعادي زرتها

أبدا ولو سَـحْبًا على الوجنـات

لكن سأهدي من حفيل تحيتي

لقطيـن تلك الدار والحجرات

أزكى من المسك المـفتق نفحة

تغشـاه بالآصال والبُـكُرَات

وتـخـصُّـه بزواكي الصلوات

ونوامي التسليم والبركـات([29])

ثانيًا ـ حبُّ التابعين للصحابة رضي الله تعالى عنهم:

كان حبُّ التابعين للصحابـة رضي الله عنهم نابعًا في الأصل من حبهم للنبي صلى الله عليه وسلم؛ فتعلَّقوا بهم ـ كالتابعي خالد بن معدان الحمصي ـ وتبرَّكوا بأيديهم؛ لأنها مست يد النبي صلى الله عليه وسلم، وحزنوا وبكوا على فراقهم، وأجَلُّوهم وأكرموا أولادهم لأجلهم، واتخذوهم أساتذةً وشيوخًا لهم.

1 ـ تبركهم بأيدي الصحابة لأنها مست يد النبي صلى الله عليه وسلم:

عن جميلة مولاة أنس قالت: «كان ثابتٌ إذا جاء؛ قال أنس: يا جميلة، ناوليني طيبًا أَمَسُ به يدي، فإنَّ ابن أم ثابت لا يرضى بشيء؛ حتى يُقَبِّلَ يدي ويقول: قد مسَسْتَ يدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم»([30]).

عن عبد الرحمن بن رَزِين، أنه نزل الرَّبَذَة([31]) هو وأصحابه يريدون الحج، قيل لهم: ههنا سلمة بن الأكوع، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيناه فسلمنا عليه، ثم سألناه فقال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي هذه، وأخرج لنا كفَّه كفًا ضخمةً. قال: فَقُمْنا إليه، فَقَبَّلْنَا كَفَّيْه جميعًا([32]).

وعن يونس بن ميسرة قال: دخلنا على يزيد بن الأسود عائدين. فدخل عليه واثلة بن الأسقع رضي الله عنه، فلما نظر إليه؛ مدَّ يده، فأخذ يده فمسح بها وجهه وصدره؛ لأنه بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم...([33]).

2 ـ بكاؤهم وحزنهم على الصحابة:

عن الأعمش عن أبي صالح ـ ذكوان السمَّان ـ قال: كان إذا ذُكِرَ قَتْلُ عثمان بكى بكاءً فكأني أسمعه يقول: هاه هاه([34]).

3 ـ احتفاؤهم بأبناء الصحابة وتكريمهم:

قال الأوزاعي: دَخَلَتْ بنتُ أسامةَ بنِ زيدٍ، صاحبِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، على عمر بن عبد العزيز، ومعها مولى لها يمسك بيدها. فقام لها عمر، ومشى إليها حتى جعل يديها بين يديه ـ ويداه في ثيابه ـ ومشى بها حتى أجلسها على مجلسه، وجلس بين يديها، وما ترك لها حاجة إلا قضاها([35]).

وَقَدْ وَفَدَ عَلَى عُمَـرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيـزِ ـ رَحِمَهُ الله تعالى ـ رَجُلٌ مِنْ ذُرّيّـة الصحابي قتادة بن النعمان رضي الله عنه، الذي نَدَرَتْ عينُه([36]) على خدِّه في غزوة أُحد، كان يقي بوجهِهِ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فأعادها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كانت. فَسَأَلَهُ عُمَرُ ـ وهو لا يعرفه ـ «مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ:

أَنَا ابْنُ الّذِي سَالَتْ عَلَى الْخَدّ عَيْنُهُ

فَرُدّتْ بِكَفّ الْـمُصْطَفَى أَحْسَنَ الرَدِّ

فَعَـادَتْ كَمَـا كَـانَتْ لِأَوّلِ أَمْرِهَا

فَيَا حُسْـنَ مَا عَيْنٍ وَيَا طِـيْبَ مَـا يدِ

فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ:

تِلْكَ الْـمَكَـارِمُ لَا قَعْبَانَ([37]) مِنْ لَبَنٍ

شِيبَا بِمَـاءٍ فَـعَـادَا بَعْـدُ أَبْـوَالًا

وَأَحْسَنَ جَائِزَتَهُ»([38]).

ثالثًا ـ حبُّ التابعين بعضهم بعضًا رحمهم الله تعالى:

ولقدشاع الحب بين التابعين كما شاع بين الصحابة رضي الله عنهم.

عن الأعمش قال: «إن كنا لنحضر الجنازة، فما ندري من نُعَزِّي مِنْ وَجْدِ القوم»([39]).

وهذا دليل على أن مصيبتهم كانت واحدة، وعزاءهم واحد، وهذا التعاطف والتوادِّ والتراحم نابع من المحبة. وهو ما أراده المصطفى صلى الله عليه وسلم لأمته، حيث قال: «مَثَلُ المؤْمِنِينَ فِى تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى»([40]).

وأخيرًا لا يخفى حبُّ التابعين لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، لأنَّ حبَّهم لا ينفصل عن حبِّه صلى الله عليه وسلم، فكانوا كما قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:

حبُّ آلِ البيتِ خالطَ لَحْمِي

وجَرَى في مفاصلي فاعْذُرُوني

أنـا واللهِ مُـغْـرَمٌ بِهَوَاهُمُ

عَلِّلُـوني بِـذِكْـرِهِمْ عَلِّلُـوني

*  *  *

 



[1]))   ابن هشام، السيرة النبوية: غَزْوَةُ الْخَنْدَقِ فِي شَوّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ، [أَرْسَلَ الرّسُولُ حُذَيْفَةَ لِيَتَعَرّفَ مَا حَلّ بِالْـمُشْرِكِينَ]، ص790 عَنْ مُحَمّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيّ.

[2]))   صحيح مسلم: كتاب الجنة ونعيمها، باب فمن يودُّ رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بأهله وماله، ص1230، ح7145.

[3]))   الذهبي، سير أعلام النبلاء: الطبقة الثانية من التابعين، خالد بن معدان، ترجمة رقم 216، (ج4/ ص539) والمزي، تهذيب الكمال: باب الخاء، من اسمه خالد، خالد بن معدان بن أبي كرب الكلاعي أبو عبد الله الشامي الحمصي، (ج8/ ص171) 1653.

[4]))   سُمِّيا ثَقَلَين؛ لأَن الأَخذ بهما ثَقِيل، والعمل بهما ثَقِيل. قال: وأَصل الثَّقَل أَن العرب تقول لكل شيءٍ نَفيس خَطِير مَصون ثَقَل، فسمَّاهما ثَقَلين؛ إِعظامًا لقدرهما وتفخيمًا لشأْنهما [لسان العرب: (ثقل)، (ج11/ ص85)].

[5]))   صحيح مسلم: كتاب فضائل الصحابة، باب مِنْ فَضَائِلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، (ج16/ ص24).

[6]))   الإمام أحمد، المسند: حديث المقداد بن الأسود رضي الله عنه، ص(6/ 2)، ح23861.

[7]))   هَاؤُمْ: بمعْنَى تعال، وبمعنى خُذْ. ويقال للْجمَاعة، كَقوله تعالى: ﴿هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ[الحاقة: 19]. [ويقال للواحِد: هَاء، وللإثْنين: هَاؤُمَا]. وإنّما رَفَع صَوْتَه عليه الصلاة والسلام من طَريق الشَّفَقَة عليه لئلا يَحْبَطَ عَمَلُه من قوله تعالى: ﴿لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾[الحجرات: 2] فَعَذَره لِجَهْله، ورَفَع النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم صَوْتَه، حتى كان مِثْلَ صَوْتِه أو فَوْقَه؛ لِفَرْطِ رأفِتَه به. [ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث والأثر: (هَوَمَ)، (ج5/ ص662).

[8]))   جامع الترمذي: كتاب الدعـوات، بـاب فِي فَضْلِ التَّوْبَـةِ وَالاِسْتِغْفَارِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ لِعِبَادِهِ، ص(805 ـ 806)، ح3535 قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

[9]))   هو محمد بن سيرين الأنصاري مولاهم، أبو بكر البصري التابعي الإمام في التفسير، والحديث، والفقه، وعَبْرِ الرؤيا، والمقدم في الزهد والورع. كان أبوه سيرين من سبي عين التمر، وهو مولى أنس بن مالك، كاتبه على عشرين ألف درهم فأداها وعتق. وكان حُبِسَ ابنُ سيرين في دَيْن ركبه لغريم له. ولما حُبِسَ في السجن قال له السجَّان: إذا كان الليل فاذهب إلى أهلك، وإذا أصبحت فتعال. فقال: لا والله، لا أعينك على خيانة السلطان. وكان سبب حبس ابن سيرين أنه اشترى زيتًا بأربعين ألف درهم، فوجد في زِقٍّ [وعاء من جلد] منه فأرة، فقال: الفأرة كانت في المعصرة، فصبَّ الزيتَ كلَّه، وكان يقول: عيَّرتُ رجلًا بشيء من ثلاثين سنة، أحسبُني عوقبتُ به. وكانوا يرون أنه عَيَّرهُ بالفقر فابتلي به. وعن هشام بن حسان قال: كنا نزولًا مع ابن سيرين في الدار، فكنا نسمع بكاه بالليل وضحكه بالنهار. قال ابن قتيبة: ولد لابن سيرين ثلاثون ولدًا من امرأةٍ واحدةٍ، زوجةٍ له عربية، ولم يبق منهم غير عبد الله بن محمد، وقضى عنه ابنه هذا ثلاثين ألف درهم، فما مات عبد الله حتى صار ماله ثلاثمائة ألف درهم. واتفقوا على أن ابن سيرين توفي بالبصرة سنة عشر ومائة بعد الحسن بمائة يوم. [انظر: تهذيب الأسماء واللغات للإمام النووي، (ج1/ ص102)، ترجمة رقم 11].

[10]))   عَبِيْدَة السَّلْمَاني: بفتح العين وكسر الباء، والسلْماني بإسكان اللام، أبو مسلم، ويقال: أبو عمرو عبيدة بن قيس المرادي الهمْداني، بإسكان الميم وبدال مهملة، الكوفي التابعي الكبير. يقال له: السلماني نسبة إلى بني سلمان، بطن من مراد، قاله ابن أبي داود السجستاني.أسلم عَبِيدَةُ قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين، ولم يره، وسمع عمرَ بنَ الخطاب وعليًا وابنَ مسعود وابنَ الزبير، وهو مشهور بصحبة عليِّ نزل الكوفة، وورد المدينة، وحضر مع علي قتال الخوارج، وكان أحد أصحاب ابن مسعود الذين يقرءون ويفتون، وكان ابن سيرين من أروى الناس عنه توفي عبيدة سنة ثنتين وسبعين، وقيل: ثلاث أو أربع [الإمام النووي، تهذيب الأسماء واللغات، (ج1/ ص435)، ترجمة 384].

[11]))   صحيح البخاري: كتاب الوضوء، باب الْـمَاءِ الَّذِي يُغْسَلُ بِهِ شَعَرُ الإِنْسَانِ، ص34، ح170.

[12]))   التَّـُجِيبي: بفتح التاء وضمها، العلَّامة شيخ المالكية بقرطبة، إسحاق بن إبراهيم بن مسرة التجيبي مولاهم [تُجِيبُ وَتـَجُوبُ قَبِيلَةٌ مِنْ كِنْدَةَ] الكتاني الطليطلي، نزيل  قرطبة، فقيه قدوة، ورع صالح، له حانوت في الكتان، أَقرأَ الفِقْهَ. صنف كتاب (النصائح)، وكتاب (معالم الطهارة)، كان من أهل العلم، والفهم، والعقل، والدين المتين، والزهد، والبعد من السلطان، لا تأخذه في الله لومة لائم. توفي سنة (352) ﻫ . [الذهبي، سيـر أعلام النبـلاء: الطبقـة العشرون، (ج16/ ص 79 ـ 80)، ترجمـة رقم 61].

[13]))   الشفا في تعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم: الباب الثالث في تعظيم أمره ووجوب توقيره وبره، فصل في سيرة السلف في تعظيم رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته، ص502.

[14]))   أيوب بن أبي تميمة كيسان السَّختياني أبو بكر البصري. رأى أنسًا، وروى عن سالم بن عبد الله، وسعيد بن جبير والأعرج وعطاء بن أبي رباح ونافع مولى ابن عمر.وعنه ابن علية وابن عيينة والثوري ومالك. قال شعبة: كان سيد الفقهاء ما رأيت مثله.وقال ابن عيينة: لقيت ستًا وثمانينَ من التابعين ما رأيت فيهم مثل أيوب وسئل ابن المديني: ما أثبتأصحاب نافع? قال أيـوب وفضلـه، ومالك وإتقانـه، وعبيد الله وحفظـه.وقال ابن سعد: كان ثقة ثبتًا في الحديث جامعًا حجة عدلًا. ولد سنة ثمان وستين ومات سنة إحدى وثلاثين ومائـة.[السيوطي، طبقـات الحفاظ: الطبقـة الرابعـة صغار التابعين، (ج1/ ص 18)].

[15]))   الشفا في تعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم: الباب الثالث في تعظيم أمره...، فصل في سيرة السلف في تعظيم رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته ص 502.

[16]))   مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ الزُّبَيْرِ بِنِ العَوَّامِ، ويكنى أبا عبد الله، نزل بغداد وروى عن مالك بن أنس الموطأ، وروى عن الدراوردي وإبراهيم بن سعد وعبد العزيز بن أبي حازم وعن أبيه وغيرهم، وكان إذا سُئل عن القرآن يقف ويعيب من لا يقف، وتوفي ببغداد سنة ست وثلاثين ومائتين في شوال. [ابن سعد، الطبقات الكبرى، (ج7/ ص344)].

[17]))   هو محمد بن المنكدر بن عبد الله بـن الهديـر، الامام الحافظ القدوة، شيـخ الاسلام أبـو عبد الله القرشي التيمي المدني. ولد سنة بضع وثلاثين، وحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن طائفة من الصحابة مرسلا وعن عائشة، وأبي هريرة، وعن ابن عمر، وجابر، وابن عباس، وابن الزبير، وأميمة بنت رقيقة. قال ابن المنكدر: كابدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت وقال: نعم العون على تقوى الله الغنى. كان سيِّدًا يطعم الطعام، ويجتمع عنده القراء. وكان يضع خده على الارض، ثم يقول لأمه: قومي ضعي قدمك على خدي. مات ابن المنكدر سنة ثلاثين ومئة، وقيل: سنة إحدى وثلاثين ومئة. [انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي، (ج5/ ص353)، ترجمة رقم 163. وطبقات الحفاظ للسيوطي: الطبقة الرابعة صغار التابعين، (ج1/ ص17)].

[18]))   القاضي عياض، الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم: الباب الثالث في تعظيم أمره ووجوب توقيره وبره، فصل في سيرة السلف في تعظيم رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته، ص21.

[19]))   المرجع السابق نفسه، ص22.

[20]))   السَّاجُ: الطيلسان الأخضر، وجمعه سيجان بوزن تيجان [مختار الصحاح، (س و ج)، ص246] والطيلسان نوع من الأكسية الأعجمية.

[21]))   المرجع نفسه، ص(24 ـ 25).

[22]))   المرجع نفسه، ص26.

[23]))   المرجع السابق نفسه، ص27.

[24]))   الشفا بتعريـف حقـوق المصطفـى صلى الله عليه وسلم، البـاب الثانـي فـي لـزوم محبتـه عليـه الصلاة    والسلام، فصل في علامة محبته عليه الصلاة والسلام، ص501.

[25]))   متفق عليه: صحيح البخاري: كتاب فضائل المدينة، باب حرم المدينة، ص301، ح1867واللفظ له. وصحيح مسلم: كتاب الحج، باب فَضْلِ الْـمَدِينَةِ وَدُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلمفِيهَا بِالْبَرَكَةِ وَبَيَانِ تَحْرِيمِهَا وَتَحْرِيمِ صَيْدِهَا وَشَجَرِهَا وَبَيَانِ حُدُودِ حَرَمِهَا، ص576، ح3330، عن أبي هريرة.

[26]))   الأكْوارُ: جمع كُور بالضم وهو رَحْل الناقة بأداتِه وهو كالسَّرْج وآلَتِه لِلْفرس. [ابن الأثير، النهاية في غريب الأثر: حرف الكاف، باب الكاف مع الواو (كور)، ص427].

[27]))   الشفا، الباب الثاني في لزوم محبته عليه الصلاة والسلام، فصل في علامة محبته صلى الله عليه وسلم، ص541، 542.

[28]))   العَرْصَةُ: بوزن الضَّرْبَة، كل بقعة بين الدور واسعة ليس فيها بناء، والجمع العِرَاصُ والعَرَصَاتُ [مختار الصحاح: ( ع ر ص) ص319].

[29]))   الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم، الباب الثاني في لزوم محبته عليه الصلاة والسلام، فصل في علامة محبته صلى الله عليه وسلم، ص501.

[30]))   البيهقي، شعب الإيمان: الخامس عشر من شعب الإيمان وهو باب في تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم  وإجلاله، وتوقيره صلى الله عليه وسلم، فصل في معنى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، (ج2/ ص229)، ح 1605.

[31]))   (الرَّبَذَةِ): بِفَتْحِ الرَّاء وَالْـمُوَحَّدَة بَعْدَهَا مُعْجَمَة، مَوْضِع بِالْبَادِيَةِ بَيْنَ مَكَّة وَالْـمَدِينَة. وهي من قرى المدينة على ثلاثة أيام قريبـة من ذات عـرق على طريـق الحجاز. [انظر: معجم البلدان: باب الراء والباء وما يليهما، (ج3/ ص24)].

[32]))   أحمد بن حنبل، المسند: بقية حديث ابن الأكوع في المضاف من الأصل، (ج4/ ص54)، ح16599.

[33]))   

الموضوعات